responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 90
السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ تَابَا) أَيْ مِنَ الْفَاحِشَةِ. (وَأَصْلَحا) يَعْنِي الْعَمَلَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ. (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) أي اتركوا أذا هما وَتَعْيِيرَهُمَا. وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ. فَلَمَّا نَزَلَتِ الْحُدُودُ نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِعْرَاضِ الْهِجْرَةَ، وَلَكِنَّهَا مُتَارَكَةُ مُعْرِضٍ، وَفِي ذَلِكَ احْتِقَارٌ لَهُمْ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَبِحَسَبِ الْجَهَالَةِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى. وَاللَّهُ تَوَّابٌ أَيْ راجع بعباده عن المعاصي.

[سورة النساء (4): الآيات 17 الى 18]
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (18)
فِيهِمَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ) قِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ ذَنْبًا. وَقِيلَ: لِمَنْ جَهِلَ فَقَطْ، وَالتَّوْبَةُ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ ذَنْبًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ فَرْضٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ [1]). وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِقَامَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ- خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: لَا يَكُونُ تَائِبًا مَنْ أَقَامَ عَلَى ذَنْبٍ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَعْصِيَةٍ وَمَعْصِيَةٍ- هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَبِلَهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْهَا. وَلَيْسَ قَبُولُ التَّوْبَةِ وَاجِبًا عَلَى اللَّهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ كَمَا قَالَ الْمُخَالِفُ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الْمُوجَبِ عَلَيْهِ، وَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الْخَلْقِ وَمَالِكُهُمْ، وَالْمُكَلِّفُ لَهُمْ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِوُجُوبِ شي عَلَيْهِ، تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الصَّادِقُ فِي وَعْدِهِ بِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنِ الْعَاصِينَ مِنْ عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ [2]).

[1] راجع ج 12 ص 238.
[2] راجع ج 16 ص 25 فما بعد.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست